فالجواب أن المحقق إن فطن إلى شيء من ذلك الخطأ نبه عليه في الحاشية أو في آخر الكتاب وبين وجه الصواب فيه. وبذلك يحقق الأمانة، ويؤدي واجب العلم.
أما الشواهد من القرأن الكريم فلما لها من تقدير ديني لا بد أن توضع في نصابها. وقد كشفت في أثناء تحقيق لكتاب الحيوان عن تحريفات كثيرة لم أستطع إلا أن أردها إلى أصلها. ومن أمثلة ذلك في الجزء الرابع ص٧؛ "فلما أتوا على وادي النمل" وهي {حَتَّى إِذَا أَتَوْا} . وفي ص١٥٩:"على أن لا أقول على الله إلا الحق فأرسل معي بني إسرائيل". وفي ص١٦٠:"يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ" وهي: {يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} وفي الجزء الخامس ص٣٢: "إني مبتليكم بنهر" وهي {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ} وفي ص٩٣: "هو الذي جعل لكم من الشجر الأخصر نارا" والوجه إسقاط "هو": وفي ص١٣٧: "وأنهار من ماء غير آسن" والوجه إسقاط الواو. وفي ص٥٤٤:"ثم اسلكي سبل ربك" وإنما هي {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ} . وفي ص٥٤٧ في بعض النسخ "فلما جاء أمرنا وفار التنور" وفي بعضها: "ولما جاء" وكلاههما تحريف، وإنما هي {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا} . إلى غيرها كثير.
ومن عجب أن يشيع هذا التحريف القرآني في كتاب معروف مثل كتاب الحيوان ولا يتصدى له من يصلحه في خلال هذه القرون المتطاولة، وفي ذلك يصدق المثل القائل:"يؤتى الحذر من مأمنه".
وجاء في كتاب الجواري للجاحظ في مجموعة داماد:"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلًا"، وهي:{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}
ومما عثرت عليه في مخطوطات تهذيب اللغة للأزهري من التصحيف