استمر عليه عمل أكثر الأشياخ أن ينقلوا الرواية كما وصلت إليهم ولا يغيروها في كتبهم، حتى في أحرف من القرآن استمرت الرواية فيها على خلاف التلاوة، ومن غير أن يجيء ذلك في الشواذ، كما وقع في الصحيحين والموطأ، لكن أهل المعرفة منهم ينبهون على ذلك عند السماع وفي الحواشي.
ثم قال:"وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل أن أباه كان يصلح اللحن الفاحش ويسكت عن الخفي السهل".
فالمسألة قديما جدا مردها إلى الأمانة، وهي متحققة في المذهبين إذا نبه المصحح على ما كان عليه الأصل الذي صححه، مما هو واضح الخطأ.
واختبار النصوص القرآنية لا يكفي فيها أن نرجع إلى المصحف المتداول، بل لا بد فيه من الرجوع إلى كتب القراءات وكتب التفسير. ففي كتب القراءات يرجع المحقق إلى كتب القراءات السبع، ثم العشر ثم الأربع عشرة ثم كتب القراءات الشاذة. وفي كتب التفسير يلجأ إلى تلك التي تعني عناية خاصة بالقراءات كتفسير القرطبي وأبي حيان. وذلك يجدر أن ينسب المحقق كل قراءة تكون مخالفة لقراءة الجمهور.
وأما النصوص الحديث فإنها يجب أن تختبر بعرضها على مراجع الحديث لقراءة نصها وتخريجها إن أمكن التخريج. وتعدد روايات الحديث يدفعنا إلى أن نحمل المؤلف أمانة روايته، فنبقيها كما كتبها المؤلف إذا وصلنا إلى يقين بأنه كتبها كذلك، ولندع للتعليق ما يدل على ضعف روايته أو قوتها.
وهذا أيضا هو واجب المحقق إزاء كل نص من النصوص المضمنة، من الأمثال والأشعار ونحوها، يجب أن يتجه إلى مراجعتها ليستعين بها في قراءة النص وتخريجه إن أمكن التخريج. ومع ذلك يجب أن نحترم رواية المؤلف