إن الحمد كله لله، خلق الإنسان في أحسن تقويم وهداه السبيل، وعلمه البيان، وبين الله ما يتقيه، ويسر له أسباب الفكر والنظر في ملكوت السموات والأرض، والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه محمد عليه الصلاة والسلام، حمل للبشرية رسالة الهداية والعلم والحكمة، فتفتحت الأبصار والبصائر، وذهبت الغشاوات، وتمزقت حجب الضلالات، وخطت البشرية خطوات واسعة نحو تحقيق الرسالة المثلى التي من أجلها خلق الله البشر، وأنشأهم من الأرض واستعمرهم فيها.
وبعد:
فإن البحث العلمي يعد من أسمى ألوان النشاط البشري؛ إذ هو الطريق الأقوم لرقي الإنسان وسموه، وعلى دربه تدرج البشرية في مدارج النماء، وترتقي في سلم الحضارة، والنشاط الإنساني متواصل في المشارق والمغارب تتعاون فيه الجهود من أجل أن يحقق الإنسان حياة أمثل على ظهر الأرض، يعرف فيها حق خالقه ومولاه، وحق بني جنسه عليه، كما يعرف حق الحياة بما عليها: كيف يعيش فيها ويعايشها ويتعامل معها؟
والدين، الدين الحق الذي اصطفاه الله أقوم مناهج الرشد، في ظلاله يستطيع الإنسان أن يكتشف المخبوء من سنن الكون، وقوانين الحياة، ونواميس الوجود، وعند ذاك يتحول إيمانه الصادق بالله إلى قوة خلاقة ومبدعة.
وعلوم الحضارة الإسلامية أصدق شاهد ودليل، إذ كانت الأستاذ والمعلم لما أتى بعدها من حضارات، وهي برغم الأفول الجزئي لا تزال تحتفظ بعناصر قوتها وهي قادرة على استرجاعها فتية جذعة إذا تهيأت لها الظروف والأسباب.