ومن أجل ذلك تحمل طلابنا على أن يأخذوا أنفسهم بالبحث والدرس، وكشف المجهول ورفع الأستار عن المخبوء، وبخاصة أنهم أبناء ثقافة ذات عراقة وأصالة، تدفعهم بجانب البحث المتنوع في دروب المعرفة الإنسانية إلى الاهتمام بتراثهم الضخم الذي تنوء به خزائن الكتب في الشرق والغرب، وتنبه له المستشرقون قبل أن يفزع لبعثه وإحيائه بنو جلدته.
وقد يكون للمستشرقين فيما ذهبوا إليه أهداف مدخولة، لكنهم سارعوا إلى استغلال الآلة الحديثة للطباعة في بعث هذا الفكر الإنساني، وتحرك الغير من أبناء العرب والإسلام من منتصف القرن التاسع عشر إلى بعث نفائس التراث سواء على مستوى الأفراد أم الحكومات.
وبقدر أهمية البحث العلمي تكون أهمية المنهج.
وعلى قدر فضيلة إحياء التراث تكون أهمية مراعاة الأصول المتبعة في التحقيق, وتحرير النصوص.
واتساع نطاق التعليم الجامعي على أرض العالم العربي كان باعثا على تعدد مجالات البحث، وتوافر قاعاته، كما كان دافعًا إلى جعل التحقيق العلمي للتراث علمًا له أصوله وقواعده، وأعرافه وضوابطه.
وظهرت مؤلفات تتحدث عن المنهج، وتقدم للأجيال خبرات نافعة على طريق التحقيق.
وفي هذه المؤلفات محاولات لتقنين الخبرات والتجارت لتصبح أصولا مرعية، وقواعد متبعة.
وتعددت أهداف هذه المؤلفات، فمنها ما توفر على التحقيق ومناهجه، ومنها ما تحدث عن المكتبة الإسلامية وتطورها وما تحفل به من مصادر في سائر ألوان المعرفة الإسلامية واللسانية والإنسانية والفكرية.