للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

....................................................................


= عليه وآله وسلم- قال: "لا تَحَاسَدُوا وَلا تَبَاغَضُوا وَلا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانًا كما أمركم الله تعالى". وخرجه أيضًا بمعناه من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي الصحيحين عن أبي أيوب عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
وخرج أبو داود من حديث أبي خراش السلمي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه".
وكل هذا في التقاطع للأمور الدنيوية، فأما لأجل الذين فتجوز الزيادة على الثلاثة، نص عليه الإمام أحمد، واستدل بقصة الثلاثة الذين خلفوا، وأمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بهجرانهم لما خاف منهم النفاق، وأباح هجران أهل البدع المغلظة والدعاة إلى الأهواء. وذكر الخطابي أن هجران الوالد لولده والزوج لزوجته ما كان في معنى ذلك تأديبًا تجوز الزيادة فيه على الثلاث؛ لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- هجر نساءه شهرًا. واختلفوا: هل ينقطع الهجران بالسلام؟ فقالت طائفة: ينقطع بذلك. وروي عن الحسن ومالك في رواية ابن وهب وقاله طائفة من أصحابنا.
وخرج أبو داود من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنًا فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم وخرج المسلم من الهجر". ولكن هذا فيما إذا امتنع الآخر من الرد عليه، فأما مع الرد إذا كان بينهما قبل الهجر مودة ولم يعودا إليها ففيها نظر. وقد قال أحمد بن رواية الأثرم: وسئل عن السلام يقطع الهجران فقال: قد يسلم عليه وقد صد عنه، ثم قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "يلتقيان فيصد هذا"، فإذا كان قد عوده أي: أن يكالمه أو يصافحه. وكذلك روي عن مالك أنه قال: لا يقطع الهجران بدون العودة إلى المودة.
وفرق بعضهم بين الأقارب والأجانب؛ فقال في الأجانب: يزول الهجر بينهم بمجرد السلام، بخلاف الأقارب؛ وإنما قال هذا لوجوب صلة الرحم.
"جامع العلوم والحكم ص٤٩٩-٤٠٢".
٤ "ولا تناجشوا" فسره كثير من العلماء بالنجش في البيع، وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها إما لنفع البائع لزيادة الثمن له، أو بإضرار المشتري بتكثير الثمن عليه.
وفي الصحيحين عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أنه نهى عن النجش". وقال ابن أبي أوفى: "الناجش آكل ربا خائن" ذكره البخاري.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن فاعله عاص لله تعالى إذا كان بالنهي عالمًا. واختلفوا في البيع؛ فمنهم من قال: إنه فاسد، وهو رواية عن أحمد اختارها طائفة من أصحابه، ومنهم من قال: إن كان الناجش هو البائع أو مَن واطأه البائع على النجش فقد فسد؛ لأن النهي هنا يعود إلى العاقد نفسه، وإن لم يكن كذلك لم يفسد؛ لأنه يعود إلى أجنبي، وكذا حُكي عن الشافعي أنه علل صحة البيع بأن البائع غير الناجش، وأكثر الفقهاء على أن البيع صحيح مطلقا، وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى في رواية عنه، إلا أن مالكًا وأحمد أثبتا للمشتري الخيار إذا لم يعلم بالحال وغبن غبنًا فاحشًا يخرج عن العادة، وقد رواه مالك وبعض أصحاب أحمد =

<<  <   >  >>