وكما تنفسخ الجعالة بفسخ أحد المتعاقدين كما سبق بيانه تنفسخ أيضا بموت أحد المتعاقدين، أو جنونه أو إغمائه، فلو مات المالك بعد الشروع في العمل، فرده إلى وارثه استحق قسط ما عمله في الحياة من العوض المسمى.
وإن مات العامل فرده وارثه استحق القسط منه أيضا.
فإن فسخ قبل الشروع أو فسخه العامل بعد الشروع فلا شيء له؛ لأنه لم يعمل شيئا في الأولى؛ ولأن الجعل إنما يستحق في الثانية بتمامه، وقد فوته باختياره.
وإن فسخ المالك بعد الشروع في العمل، فعليه أجرة المثل لما مضى؛ لأن جوازه يقتضي التسلط على رفعه، وإذا ارتفع لم يجب المسمى كسائر الفسوخ لكن عمل العامل وقع محترما، فلا يحبط بفسخ غيره فرجع إلى بلده، وهو أجرة المثل كالإجارة إذا فسخت بعيب، وهذا هو الأصح.
وقيل: لا شيء للعامل كما لو فسخ بنفسه، ولا فرق على هذا القول بين أن يكون ما صدر من العامل لا يحصل به مقصود أصلًا كرد الضال إلى بعض الطريق، أو يحصل به بعضه كما لو قال شخص لآخر: إن علمت ابني القرآن فلك كذا، ثم منعه من تعليمه، ولا يتنافى ذلك مع ما سبق ذكره، حيث قلنا: إذا مات العامل أو المالك في أثناء العمل، فإنه ينفسخ العقد، ويجب القسط من المسمى؛ لأن الجاعل أسقط حكم المسمى هنا بفسخه بخلافه هناك.
ولكن هل للمالك أن يزيد أو ينقص في الجعل الذي شرطه للعامل؟ نعم يجوز له ذلك قبل الفراغ من العمل سواء أكان قبل الشروع في العمل، أم بعده كما يجوز في البيع في زمن الخيار، بل إن هذا أولى كأن يقول مثلا