من رد علي ضالتي، فله عشرة من الجنيهات المصرية، ثم يقول: فله خمسة أو عكسه، فيكون الاعتبار بالأخير من قوليه، وهذا إذا سمعه العامل أما إذا لم يسمعه، أو كان بعد الشروع في العمل، فيجب أجرة المثل للعامل على المالك؛ لأن النداء الأخير فسخ للأول، والفسخ من المالك أثناء العمل يقتضي الرجوع إلى أجرة المثل، وهو الراجح عند الغزالي، وقال الماوردي، والروياني يستحق الجعل الأول وأقره السبكي، والبلقيني وغيره.
واستحقاق العامل أجرة المثل إذا لم يسمعه بعد الشروع لا ينافيه أنه لو عمل شيئا بعد الفسخ لا شيء له؛ لأن ذلك فيما فسخ بلا بدل بخلاف هذا.
أما التغيير بعد الفراغ فلا يؤثر؛ لأن المال قد لزم، ويتوقف لزوم الجعل على تمام العمل، ولهذا قال النووي: ولو مات الحيوان الضال١ في بعض الطريق، أو هرب فلا شيء للعامل ولو في دار المالك قبل تسليمه له؛ لأنه لم يرده.
ويستثنى من ذلك لو أكترى من يحج عنه، فأتى ببعض الأعمال، ومات فإنه يستحق من الأجرة بقدر ما عمل.
والفرق بينهما أن المقصود من الحج الثواب، وقد حصل ببعض العمل، وهنا لم يحصل شيء من المقصود، وهذا هو الفرق الأول.
والفرق الثاني: أن الإجارة لازمة تجب الأجرة فيها بالعقد شيئًا فشيئًا، والجعالة جائزة لا يثبت فيها شيء إلا بالشروط، ولم يوجد.
وإذا رد العامل المال الضائع، ولم يجد المالك فله أن يسلم المال المردود إلى الحاكم ويستحق الجعل، فإذا لم يكن حاكم أشهد على المال المردود واستحقه.
١ الضالة: اسم لما ضاع من الحيوان خاصة كما قال الأزهري وغيره.