للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مشروعية إحياء الموات:

إحياء الموات مشروع، والأصل في مشروعيته قبل الإجماع أخبار كثيرة منها ما روي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من عمر أرضا ليست لأحد، فهو أحق بها، وما أكله العواقي، فهو له صدقة" ١، فقوله صلى الله عليه وسلم فهو أحق بها أي مستحق لها يملكها، وفي رواية: "فهي له" ٢، وهذه الرواية قاطعة في ثبوت الملك بالإحياء، ولكونه أحق بها لم يحتج في الملك بالإحياء إلى لفظ يدل على أنه اختار ملكية ما أحياه من الأرض بأن يقول مثلا: تملكت أو أدخلتها في ملكي، وأما قوله: "فهو له صدقة" أي بسبب إحيائها، فالفاء للسببية كما في قوله في حديث آخر: "دخلت امرأة النار في هرة حبستها"، أي بسبب هرة، وقوله: "وما أكله العوافي" أي طلاب الرزق من بنائين، وفعله وكذا طير أو بهيمة، فهو له صدقة الإحياء؛ لأنه مصدر نفع وخير للإنسان، والحيوان على السواء أما الإنسان فباكتساب الرزق بالعمل في البناء، واستصلاح الأرض البور، وأما الحيوان؛ فلأنه يأكل مما ينبت من الزرع فكان الإحياء سببا في الأجر.

وقد يقال: إن الحديث دليل على أن الإحياء خاص بالمسلم دون الكافر؛ لأن الأجر لا يكون إلا لمسلم والصحيح خلافه.

فإن ثبوت الأجر والصدقة الواردين في الحديث لا يؤخذ منهما تخصيص الإحياء بالمسلم؛ لأن الكافر له الصدقة، ويثاب عليها في الدنيا بكثرة


١ رواه البخاري وأحمد والنسائي، ووقع في البخاري: "من أعمر" بزيادة ألف في أوله وخطئ راويها "التلخيص الحبير ج٣ ص٦١".
٢ رواه البيهقي من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، وهو ضعيف جدا لا تقوم به حجة. "التلخيص ج٣ ص٦٢".

<<  <   >  >>