للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المال والولد وفي الآخرة بتخفيف العذاب، وذلك أعمال الخير التي لا تتوقف صحتها على نية كالصدقة، وإحياء الموات.

ويؤيد ذلك أن اللغة تقضي أن الثواب والأجر يستوي فيه المسلم، والكافر فقد جاء في المصباح، أجره الله أجرا، وأجره إذا أثابه فلم يقيد ما يسمى ثوابا بجزاء المسلم، فاقتضى إن كل ما يقع جزاء يسمى ثوابا، وأجر سواء كان الفاعل مسلما أو كافرا.

ولهذا يصح إحياء الكافر للأرض الموات إذا كانت ببلاد الكفار أما بلاد المسلمين، فلا يجوز إحياء الكفار بها حتى، ولو كان بإذن من الحاكم؛ لأن الإحياء استعلاء، والكافر ممنوع من الاستعلاء في بلاد المسلمين.

حكم إحياء الموات:

الأرض المعمورة الميتة إما أن تكون ببلاد، أو بلاد الكفر، فإن كانت ببلاد الإسلام، فيجوز فيها الإحياء بشرطين:

الشرط الأول: أن يكون المحيى مسلمًا، مكلفا أو غير مكلف، فلو كان غير مسلم فلا يجوز له الإحياء، ولو أذن فيه الإمام؛ لأن الإحياء من الكافر كالاستعلاء، وهو ممتنع عليه بدارنا، وإذا أحيا غير المسلم أرضا بلاد الإسلام، فللمسلم أن يأخذها منه، فإن كان فيها شيء له كزرع رده المسلم إليه، فإن أخذه فبها، وإن أعرض عنه فهو لبيت المال، ويصرفه الإمام في المصالح العامة.

ولكن يجوز للذمي والمستأمن والمعاهد، والاحتطاب والاحتشاش والاصطياد بدار الإسلام؛ لأن ذلك مما يخلف، ولا يتضرر به المسلمون، فكان ذلك مما يجوز لهما، ويجوز لهما أيضا نقل التراب من موات دار الإسلام إذا لم يتضرر به المسلمون، أما الحربي فإنه ممنوع من جميع ذلك حتى من الاحتطاب إلا أنه إذا أخذ شيئا منه ملكه.

<<  <   >  >>