للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرط الثاني: أن تكون الأرض التي يراد ملكها بالإحياء حرة لم يجر عليها ملك لمسلم ولا لغيره، فإن جرى عليها ملك لمسلم، أو لغيره بأن كان ذميا، أو مستأمنًا أو معاهدًا فهي لمالكه، أما إذا كانت الأرض مملوكة لحربي جاز إحياؤها وأخذها؛ لأن مال الحربي إذا ظفرنا به أخذناه غنيمة.

فإن جهل مالكه والعمارة إسلامية بأن كانت بعد الإسلام، فهو مال ضائع؛ لأنه مال لمسلم أو ذمي أو نحوه، فيكون أمره مفوض إلى الإمام، فإما أن يحفظه بعينه، أو يبيعه ويحفظ ثمنه، أو يقرضه لبيت المال إلى أن يظهر مالكه إن كان يرجى ظهوره، فإن لم يرج ظهوره، فهو ملك لبيت المال يتصرف فيه الإمام كيفما شاء.

وإن كانت العمارة جاهلية، فيملك بالإحياء في الأظهر إذ لا حرمة لملك الجاهلية؛ ولأنه كالموات والركاز.

والثاني: المنع من الإحياء؛ لأنها ليست بموات.

وإن كانت بلاد الكفار، فللكافر أحياؤها؛ لأنه من حقوق داره عليه، ولا ضرر علينا فيه فيملكه بالإحياء كالصيد، ويجوز للمسلم أحياؤها أيضًا إذا لم يدفعوا المسلمين عنها، فيمنعوهم من أحيائها، فإن منعوهم عنها كان الصلح بيننا، وبينهم على أن البلد لنا، وهم يسكنون بجزية، فالمعمور منها فيء ومواتها الذي كانوا يدافعون عنه يتيحتجر حتجر، ليكون فيئا لأهل الفيء، ولا يكون فيئا في الحال بل في المستقبل، ويفهم من هذا إن الإحياء جائز للمسلم في الحل والحرم على السوء، ولكن يستثنى من ذلك أمور.

الأول: إحياء المسلم للأرض الموات بعرفة، ومزدلفة ومنى لتعلق حق وقوف الحجيج بعرفة، والمبيت بمنى ومزدلفة؛ لأن ذلك من مناسك الحج.

وأما المحصب١، وهو الموضع الذي أهلك الله فيه أصحاب الفيل بين


١ المحصب: موضع بمكة على طريق منى، ويسمى البطحاء "المصباح ج١ ص١٦٧".

<<  <   >  >>