للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أحكام الوقف المعنوية:

ونعني بها ثبوت الملك في ذات الموقوف وفي منافعه أما ذات الملك، فهو لله تعالى فإن كل الموجودات بأسرها ملك له في جميع الحالات بطريق الحقيقة، وإن سمي غيره مالكا، فإنما هو بطريق التوسع والمجاز بمعنى ثبوت الاختصاص له. وبناء عليه، فإنه إذا انفك الملك عن اختصاص الآدمي، فلا يكون للواقف أو للموقوف عليه، وهذا هو الأظهر، وفي قول: لا ينتقل عن الواقف وبه قال الإمام مالك، وحجة هذا الرأي أن الواقف حبس الأصل، وسبل الثمرة، وذلك لا يوجب زوال ملكه بدليل اتباع شرطه.

والقول الثالث: أن المالك ينتقل إلى الموقوف عليه، ووجهه أن الوقف ملحق بالصدقة، وبه قال الإمام أحمد، فإن قيل: إن الوقف يثبت بشاهد ويمين، وحقوق الله لا تثبت إلا بشاهدين: أجيب بأن المقصود بثبوت الوقف هو حق الانتفاع بالوقف، فيجوز ثبوته بشاهد ويمين، فيكون محل الخلاف فيما يقصد به تملك ريعه، أما الوقف ذاته فهو كالمسجد والمقبرة وكذا الربط١، والمدارس فالملك فيها لله تعالى باتفاق٢.

وخلاصة القول: أن ذات الوقف مملوكة لله تعالى والمنافع مملوكة للآدمي، ولكن من يستحق المنافع في الموقوف؟

أما منافع الموقوف، فهي ملك الموقوف عليه؛ لأن ذلك مقصودة، فليس للواقف انتفاع بدليل أن الموقوف عليه يجب عليه زكاة العين الموقوفة، وهذا يقطع بأنه ليس للواقف أي حق في الموقوف لكن يستثنى المسجد، والبئر


١ نهاية المحتاج للرملي "ج٥ ص٣٨٩".
٢ الرباط ما يربط به القربة وغيرها والجمع ربط، والرباط اسم من رابط مرابطة إذا لزم ثغر العدو والرباط الذي يبنى للفقراء "المصباح المنير ج١ ص٢٥٦".

<<  <   >  >>