للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سميت بذلك؛ لأنهم كانوا في الجاهلية يعطي الرجل الدار، ويقول له: أعمرتك إياها أي أبحتها لك مدة عمرك وحياتك، فقيل لها: عمري لذلك.

والرقبي بوزنها مأخوذة من المراقبة؛ لأن كلا منها يرقب الآخر متى يموت لترجع إليه، وكذا ورثته يقومون مقامه، وهذا أصلها في اللغة.

والعمري هو أن يقول: أعمرتك هذه الدار حياتك، أو جعلتها لك عمرك، وفيها ثلاث أحوال.

الأول: أن يقول: أعمرتك هذا الدار ويطلق، فهذا تصريح بأنها للموهوب له.

وحكم هذه الدار حكم المؤبدة لا ترجع إلى الواهب؛ لأن المطلقة حكمها حكم المؤبدة، وهذا أحد قولي الشافعي رضي الله عنه، وهو موافق لرأي الجمهور.

والقول الثاني: أنها تكون عارية ترجع بعد الموت إلى المالك لما روي عن سفيان عن ابن جريج، عن عطاء عن جابر مرفوعا: "لا تعمروا ولا ترقبوا، فمن أعمر شيئا أو أرقبه، فهو سبيل الميراث" ١. وفي رواية أحمد والنسائي عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئا، أو أرقبة فهو له حياته ... " ٢.

الحال الثاني: أن يقول: هي لك ما عشت، فإذا مت رجعت إلي، فهذه عارية مؤقتة ترجع إلى المعير عند موت المعمر، وبه قال أكثر العلماء، ورجحه جماعة من الأصحاب.

والأصح عند أكثرهم لا ترجع إلا الواهب؛ لأن هذا الشرط يعتبر شرطا فاسدا، فيلغو.


١رواه الشافعي، وأبو داود والنسائي، وصححه أبو الفتح القشيري على شروطهما "التلخيص الحبير ج٣ ص٧١".
٢ حديث جابر: إنما العمري التي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: "هي لك ولعقبك من بعدك"، فأما إذا قال: هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها.

<<  <   >  >>