للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من يتدبر حكمه الله وعظمة هذا الدين، وكمال هذا المنهج، ودقة هذا النظام يدرك اليوم من هذا كله ما لم يكن يدركه الذين واجهوا هذه النصوص أول مرة، وأمامه اليوم من واقع العالم ما يصدق كل كلمة تصديقا حيا مباشرا واقعا، فإن البشرية الضالة التي تأكل الربا، وتوكله تنصب عليها البلايا الماحقة الساحقة من جراء هذا النظام الربوي، في أخلاقها ودينها وصحتها، واقتصادها.. وتتلقى -حقا- حربا من الله تسب عليها النقمة والعذاب، أفرادا وجماعات، وأمما وشعوبا، وهي لا تعتبر ولا تفيق.

وأما تحريم الربا من السنة، فقد وردت فيه روايات كثيرة منها ما رواه مسلم: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل الربا، وموكله وكاتبه، وشاهديه" ١، ومنها ما رواه ابن ماجه والبيهقي، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وأن أربى الربا عرض الرجل المسلم".

وأجمعت الأمة على أن الربا من الكبائر، حتى قيل: إنه لم يحل في شريعة من الشرائع السابقة، كقوله تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} ٢، يعني الأمم السابقة.

شبهات مردودة:

الشبهة الأولى: أن المنهزمين من المسلمين يزعمون أن الربا المحرم هو الذي يكون أضعافا مضاعفة، استنادا إلى قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} ٣، وهذا زعم باطل، وخطأ صريح؛ لأن


١ صحيح مسلم بشرح النووي ج١١ ص٢٦.
٢ من الآية "١٦١" من سورة النساء.
٣ من الآية "١٣٠" من سورة آل عمران.

<<  <   >  >>