للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كثير من الناس في زماننا هذا يستحلون الفائدة التي تدفعها المصارف، والبنوك لأصحاب الأمول الذين يودعون أموالهم فيها.

وكانت شبهة العرب التي ركنوا إليها، هي أن البيع يحقق فائدة وربحا، كما أن الربا يحقق فائدة وربحا.. وهي شبة واهية، فالعمليات التجارية قابلة للربح وللخسارة، والمهارة الشخصية والجهد الشخصي، والظروف الطبيعية الجارية في الحياة هي التي تتحكم في الربح والخسارة، أما العمليات الربوية فيه محددة الربح في كل حالة، وهذا هو الفارق الرئيسي، وهذا هو مناط التحريم والتحليل.

إن كل عملية يضمن فيها الربح على أي وضع، هي عملية ربوية محرمة بسبب ضمان الربح وتحديده.. ولا مجال للمماطلة في هذا، ولا للمداورة١.

الفرق بين الربا والبيع:

وإذا كان الله قد أحل البيع وحرم الربا، فذلك من وجوه:

أولا: أن البيع فيه عوض يقابل عوضًا، والربا زيادة لا مقابل لها، ذلك أن البيع يلاحظ فيه دائما انتفاع المشتري بالسلعة انتفاعا حقيقيا؛ لأن المشتري إذا اشترى قمحا مثلا، فإنما يشتريه ليأكله، أو ليبزره أو ليبيعه، وهو في كل ذلك ينتفع به انتفاعا حقيقيا، هذا بالإضافة إلى أن الثمن مقابل للمبيع مقابلة مرضية للطرفين البائع والمشتري، فكل منهما أقدم على ذلك عن طواعية، ورضا واختيار، وأما الربا في إعطاء الدراهم والمثليات، وأخذها مضاعفة في وقت آخر، فما يؤخذ منه زيادة عن رأس المال لا يقابل له من عين عمل، وهي لا تعطى بالرضا والاختيار، بل بالكره والاضطرار.


١ راجع سيد قطب في تفسير آيات الربا "ص٢٤" وما بعدها.

<<  <   >  >>