للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فطائفة -الجهمية والمعتزلة - (أنكرت حقيقة المحبة من الجانبين، زعماً منهم أن المحبة لا تكون إلا لمناسبة بين المُحِب والمحبوب، وأنه لا مناسبة بين القديم والمحدث توجب المحبة) (١).

فهو (عندهم لا يُحِب ولا يُحب، ولم يمكنهم تكذيب النصوص فأولوا نصوص محبة العباد له على محبة طاعته وعبادته، والازدياد من الأعمال لينالوا بها الثواب.

وأولوا نصوص محبته لهم بإحسانه إليهم، وإعطائهم الثواب وربما أولوها بثنائه عليهم ومدحه لهم، ونحو ذلك وربما أولوها بإرادته لذلك) (٢).

وقالوا: (ليس لله حياة قائمة به، ولا علم قائم به، ولا قدرة قائمة به، ولا كلام قائم به، ولا حب ولا بغض، ولا غضب، ولا رضى بل جميع ذلك مخلوق من مخلوقاته) (٣).

وطائفة - كالأشاعرة (٤) - فسرت محبة الله للعبد بلازمها من إرادة الإنعام عليهم والغفران لهم والرضا عنهم، وفسرت محبة العبد لله: بطاعة العبد لله واتباع أمره.

قال الأزهري (٥): (محبة العبد لله ورسوله طاعته لهما واتباعه أمرهما قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي}، ومحبة الله للعباد إنعامه عليهم بالغفران قال الله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢)} [آل عمران: ٣٢] أي لا يغفر لهم) (٦).

وقال الأشعري (٧): (وأجمعوا على أنه عز وجل يرضى عن الطائعين له، وأن رضاه عنهم إرادته لنعيمهم، وأنه يحب التوابين، ويسخط عل الكافرين ويغضب عليهم، وأن غضبه إرادته لعذابهم، وأنه لا يقوم لغضبه شيء) (٨).


(١) مجموع الفتاوى ص (١٠/ ٦٦)، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٣٩٤).
(٢) مدارج السالكين، لابن القيم ص (٣/ ١٨).
(٣) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (١/ ٢٤٤).
(٤) الأشاعرة: أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، ويثبتون لله سبع صفات، ويقولون بتقديم العقل على النقل عند التعارض، ويؤولون آيات الصفات، ولا يحتجون بأحاديث الآحاد في العقيدة، الملل والنحل ص ٤٠، وانظر للفائدة: موقف ابن تيمية من الأشاعرة لعبد الرحمن المحمود.
(٥) هو أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، اللغوي النحوي الشافعي صاحب تهذيب اللغة وغيره من المصنفات، ولد سنة ٢٨٢ هـ، وتوفي سنة ٣٧٠ هـ. أنظر شذرات الذهب لابن العماد (٣/ ٧٢).
(٦) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٤/ ٦٥)، فتح القدير للشوكاني، ص (١/ ٣٣٣).
(٧) هو أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري اليماني البصري، إمام المتكلمين، ولد سنة ٢٦٠ هـ، ومات ببغداد سنة ٣٢٤ هـ. انظر سير أعلام النبلاء (١٥/ ٨٨).
(٨) رسالة إلى أهل الثغر ص ٧١.

<<  <   >  >>