للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(وهذه المحبة حق كما نطق بها الكتاب والسنة، والذي عليه سلف الأمة وأئمتها وأهل السنة والحديث وجميع مشايخ الدين المتبعون، وأئمة التصوف أن الله سبحانه وتعالى محبوب لذاته محبة حقيقية، بل هي أكمل محبة، فإنها كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥]، وكذلك هو سبحانه يحب عباده المؤمنين محبة حقيقية) (١).

فمذهب السلف رضوان الله عليهم: هو أن يُوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، ويصان ذلك عن التحريف والتمثيل والتكييف والتعطيل، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله (٢).

و (لما سئل الإمام مالك بن أنس (٣) - رحمه الله تعالى - فقيل له: يا أبا عبد الله، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [الأعراف: ٥] كيف استوى؟ فأطرق مالك وعلاه الرحضاء - يعني العرق -، وانتظر القوم ما يجيء منه فيه، فرفع رأسه إلى السائل وقال: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأحسبك رجل سوء). وأمر به فأخرج (٤).

وهذا الجواب من مالك - رحمه الله - في الاستواء شاف كاف في جميع الصفات، مثل النزول والمجيْ، واليد والوجه، وغيرها.

وهكذا يقال في سائر الصفات، إذ هي بمثابة الاستواء الوارد به الكتاب والسنة) (٥).


(١) مجموع الفتاوى (١٠/ ٦٦).
(٢) مجموع الفتاوى، ص (٦/ ٥١٥).
(٣) هو مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري، أبو عبد الله، أمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة، وإليه تنسب المالكية، توفي سنة ١٧٩ هـ. انظر شذرات الذهب (١/ ٢٨٩)، الأعلام (٥/ ٢٥٧)، صفة الصفوة لابن الجوزي ص (٢/ ٥٠٣).
(٤) شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ص ٣٨٩، وصحح اسناده الذهبي في العلو ص ١٤١.
(٥) مجموع الفتاوى، ص (٤/ ٤).

<<  <   >  >>