وإن قال سكنى فكما لو قال عارية وإن قال له هذه الدار هبة اعتبرت شروطها قطع بها في هذه المسائل جماعة لأنه رفع بآخر كلامه بعض ما دخل في أوله فصح وذكر القاضي وجها أنه لا يصح ذلك لأنه استثناء من غير الجنس. فعلى هذا تثبت له الدار ملكا والأولى وليس هنا من أدوات الاستثناء شيء وإنما هذا بدل اشتمال وهو أن يبدل من الشيء بعض ما يشتمل عليه ذلك الشيء وهو شائع في اللغة وهو في القرآن كثير كقوله تعالى: [٢١٧:١٨] {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} فقتال بدل من الشهر وكقوله تعالى: [٦٣:١٨] {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} أي نسياني ذكره وكقوله تعالى: [٢١:٣٣] {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} وكقوله تعالى: [٥،٤:٨٥] {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ} وكقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ} ولأنه لو قال هذه الدار ثلثها ربعها صح وكان مقر بالجزء الذي أبدله وقد أبدل الله سبحانه المستطيع للحج من الناس وهو أقل من نصفهم وأبدل القتال من الشهر وهو غيره فيفارق البدل الاستثناء في هذا ويوافقه في كونه يخرج من الكلام بعض ما يدخل فيه لولاه. قوله: "وإذا قال هذا العبد لزيد لا بل لعمرو أو غصبته من زيد وغصبه زيد من عمرو لزمه دفعه إلى زيد ودفع قيمته إلى عمرو".