تدبيره، كانت السيوف قد ذهبت برءوس جنده جميعا، وكان هو في القيد أسيرا. وكان الطفل عبد العزيز يشهد هذه الحفلة الساهرة ليتلقي بها درس الرجولة ودرس السيف كيف يلعب برءوس الرجال. وكيف يروى ظمأه من دمائها الحارة. وكان هذا درسا لن يبلغ معلم إلى قلب عبد العزيز بمثل ما بلغ إليه هذا الدرس من رباطة الجأش، وثبات القلب، وقوة النفس، والشجاعة التي تحدثنا عن عمر بن الخطاب وعن خالد بن الوليد، وعن إخوانهما من ليوث التوحيد الأولين رضي الله عنهم.
٢٧٤ - أدخله والده المكتب ليتعلم القراءة والكتابة، فعافت نفسه العظيمة أن يجلس وسط الأطفال، لأنها لم تكن نفس أطفال، وأن يقعد أمام معلم يلقى إليه التعليم بلسانه وعصاه، لأنه يحس من نفسه صارخا يقول: أنت يا عبد العزيز الذي ستعلم الناس، وأنت الذي ستكون للجميع إماما وزعيما. فلما عرف القراءة والكتابة، تمرد على المكتب وعلى شيخه، فخرج منه يتلقى الدروس والعلوم المعارف في مدرسة الحياة وعلى يد الحوادث
٢٧٥ - سمع ثبت أحداث التاريخ، وتقلبات الأيام البيض والسود بأسرة آل سعود، وبدعوة التوحيد، وصوت الضربات التي وقعت على كلتيهما من خصومهما آل الرشيد، والعثمانيين، وأشراف الحجاز وغيرهم ممن تألب عليهما، وكاد لهما وشفى غيظه منهما، وأصابع الفتنة التي لعبت بهما حتى مزقت شملهما، وذهبت بريحهما، بما وصلت إليه من تفريق القوى، وفصم عروة الوحدة العربية الإسلامية التي كانا قد وثقاها، وبلغا