للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة. فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل، وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت أن أهم ما عليك هو معرفة ذلك، لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة. وذلك بمعرفة أربع قواعد، ذكرها الله في كتابه: "الأولى" أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مقرين بأن الله تعالى هو الخالق الرزاق المدبر، وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام – ثم ساق الدليل على ذلك من القرآن "القاعدة الثانية" أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة عند الله، ثم ذكر الدليل على كل من الشفاعة والتقرب من آيات القرآن "القاعدة الثالثة" أن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر على أناس متفرقين في عباداتهم: منهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين. ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار. ومنهم من يعبد الشمس والقمر. فقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفرق بينهم، ثم ساق الدليل أيضا على ذلك من القرآن الكريم "القاعدة الرابعة" أن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين، لأن الأولين كانوا يشركون في الرخاء، ويخلصون في الشدة ومشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة. والدليل قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:٦٥]

"الأصل الأول" إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له، وبيان ضده الذي هو الشرك بالله، وكون أكثر القرآن في بيان هذا الأصل من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة، ثم صار على أكثر الأمة ما صار: أظهر الشيطان الإخلاص في صورة تنقص الصالحين والتقصير في

<<  <   >  >>