للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان هو الراجح، وإن كان قد قال غيره ممن هو أكبر من قائل ذلك القول، فإن ذلك القول هو الذي ظهر أن فيه طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم) ١.

وهؤلاء تلاميذ أئمة الدعوة ينهجون منهج شيخهم محمد بن عبد الوهاب قدس الله روحه ونور ضريحه، ويبينون بأن طريقتهم الاعتماد على الكتاب والسنة، فدل ذلك على أن إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب وأحفاده وتلاميذهم رحمهم الله لا يرون التقليد الجامد ولا الأخذ بأقوال العلماء بدون نظر في الدليل إلا عند العجز عن معرفة الدليل، أو للعامي الذي لا يعرف النظر في الدليل وليس له إلا ما قيل له، وهذا أمر لا بد منه. قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ٢.

وفي الحديث الشريف "ألا سألوا إذا جهلوا فإن شفاء العي السؤال" ٣.

وعلم مما تقدم الرد على من قال: إن إمام الدعوة وأحفاده وتلاميذه عندهم تعصب للمذهب كبعض أصحاب المذاهب.

وقال أحمد عبد الغفور عطار في كتابه محمد بن عبد الوهاب: "نعرض الإسلام عرضا صحيحا منزها من البدع مبرأ من الخرافات، والإسلام دين التوحيد، والتوحيد ينافي الشرك، ومن هنا دعا إلى الله وحده، وإلى صرف العبادات كلها له دون سواه. وبدأ الدعوة كما بدأ الرسل ولم يتجه إلى المجتمع يصلح نظامه وقوانين أعماله ومكاسبه، بل اتجه إلى العقيدة، فأبان للناس عقيدة الإسلام كما يفصح عنها الوحي كتاباً وسنة، لا يتجاوزه إلى ما اتخذه علماء الكلام من فلسفات يعسر معها فهم الإسلام السهل، وأصحب إفصاحه عن عقيدة الإسلام أركانه التي يقوم عليها.

وكان موفقاً في منهجه الذي اتبعه، فهو مدرك أن إصلاح الظاهر دون الباطن طلاء مغشوش وبريق خادع، أما إصلاح الباطن فهو الذي يهدي إلى أن يكون إصلاح الظاهر إصلاحاً صحيحاً لا فحش فيه ولا خداع، ووفقه الله لما كان يتمنى من الإصلاح.

وبدأ محمد بن عبد الوهاب إصلاحه مع الأمير؛ لأن الناس تبع السلطان، وحذر الناس الاتباع الأعمى وبصرهم بالإسلام، وعلمهم إياه في أسلوب سهل وإيجاز مستوعب


١ الدرر السنية جـ٤ ص٥٥-٥٦.
٢ سورة النحل آية: ٤٣، وسورة الأنبياء آية: ٧.
٣ أبو داود: الطهارة (٣٣٦) .

<<  <   >  >>