للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله "قال الله ليكن نور فكان نور" (١) . فكلمة الله هنا مع الانتباه إلى سوء الترجمة إنما هي: كن فيكون. هذا فيما يتعلق بكلمة الله.

أما إن زعم المنصرون والنصارى أن (مِنْ) في قوله تعالى "بكلمة منه" للتبعيض فإنه ليس لهم متمسك في هذا البتة، إذ إن (مِنْ) في الآية ليست للتبعيض كما يزعم بعض النصارى لأن "علامتها إمكان سد بعض مسدها" (٢) ولكنها لابتداء الغاية "وهو الغالب عليها حتى ادعى جماعة [كما يذكر ابن هشام] . أن سائر معانيها راجعة إليه" (٣) . فلو افترض أن من للتبعيض لكان المعنى كالتالي: إن الله يبشرك بعيسى بعض من الله ولأصبح المعنى فاسداً فساداً بيناً من ناحية نصرانية فضلاً عن بطلانه قبل ذلك من ناحية إسلامية ولغوية ذلك أن اعتقاد النصارى هو أن الكلمة هي عيسى فحينئذ يكون المعنى كالتالي: إن الله يبشرك بعيسى بعض من الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً - وهذا أمر يبطله النصارى والمنصرون قبل غيرهم لأنهم يعتقدون أن عيسى (الابن) هو الكلمة وأن الكلمة هي الله ومن ثم عيسى هو الله فهو مساوٍ لله -في زعمهم تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- وليس هو بأقل من الله بله أن يكون بعضاً منه، ولذلك أول من يجب عليه إبطال أن (مِنْ) للتبعيض كما ترى هم النصارى أنفسهم وبحسب اعتقاداتهم الباطلة.


(١) التكوين (١: ٣) .
(٢) عبد الله بن هشام الأنصاري "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد دار إحياء التراث العربي ج (١) ص (٣١٩) .
(٣) المرجع السابق ج (١) ص (٣١٨) .

<<  <   >  >>