للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عيسى عليه السلام فلما أراد خلقه أرسل ذلك الروح إلى مريم فكان منه عيسى عليه السلام " (١) .

ولو فرض أن (مِنْ) هنا للتبعيض لفسد المعنى نصرانياً كما سبق بيانه في قوله تعالى {ِكَلِمَةٍ مِنْهُ} فلو قلنا على سبيل الفرض: وروح بعض منه باعتبار أن الروح هو عيسى عينه لكان المعنى فاسداً من وجوه منها: أن عيسى يصبح جزءاً وبعضاً من الإله. والبعض ليس مساوياً للكل عقلاً، والنصارى يعتقدون أن المسيح (الابن) بزعمهم إله مساوٍ للأب في الجوهر وليس جزءاً منه بل يعتقدون أن الكلمة كما مر آنفاً - وهي عيسى - هي الله فعيسى ليس بعضاً من الله سواء كان هو الروح أو هو الكلمة بحسب اعتقادهم. وهذا مبطل لكون (مِنْ) للتبعيض، فضلاً عما مر سابقاً من استخدام (مِنْ) لابتداء الغاية في كتبهم على نحو يمنع من خلال السياق أن تكون للتبعيض وهو ما يماثل ما ههنا.

(٣) وعلى كل حال إذا قيل لعيسى عليه السلام كلمة الله أو كلمة منه أو روح الله أو روح منه فإنه لا يغير من حقيقته البشرية شيئاً لما مر من الآيات المحكمة القاطعة في القرآن (٢) والنصوص الكثيرة في الأناجيل (٣) الدالة على أن عيسى عليه السلام بشر مخلوق من تراب تطرأ عليه عوارض الحدوث والتغير من حال إلى حال بل من حال الضعف في الطفولة إلى حال القوة في الكهولة ثم الموت بعد ذلك إلى غير ذلك من أمور.


(١) محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي: "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" طبع على نفقة سمو الأمير أحمد بن عبد العزيز عام ١٤٠٣هـ-١٩٨٣م. ج١ ص٤٩٤-٤٩٥.
(٢) انظر ص (١٩) .
(٣) انظر ص (٢٠)

<<  <   >  >>