للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن الذين في قلوبهم مرض وزيغ يغمضون أعينهم عما عظم من المتشابه عندهم كتسمية موسى إلهاً بنص التوراة الحالية (١) ، ويأخذون من القرآن "بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة وينزلوه عليها لإحتمال لفظه لما يصرفونه فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه لأنه دافع لهم وحجة عليهم ولهذا قال الله تعالى {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} أي الإضلال لأتباعهم إيهاماً لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن وهو حجة عليهم لا لهم كما لو احتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وتركوا الإحتجاج بقوله {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} وبقوله {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خلق من مخلوقات الله وعبد ورسول من رسل الله" (٢) .

(٤) أما قوله تعالى {رُوحَنَا} في مثل قوله {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} :

فيقول ابن كثير "يعني جبرائيل عليه السلام" (٣) . وكذلك روح القدس في مثل قوله تعالى {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} (النحل: ١٠٢) .. يذكر ابن كثير أنه جبريل (٤) .

ويقول ابن تيمية "إن المضاف في الثاني [أي القسم الثاني] (٥) من أقسام المضاف إلى الله مملوك لله مخلوق له بائن عنه لكنه مفضل مشرف لما


(١) جاء في التوراة الحالية فيما نسب إلى الله مخاطباً موسى أنه قال له "وانت تكون له [لهارون] إلهاً" الخروج [٤: ١٦] وجاء قوله "أنا جعلتك إلهاً لفرعون وهارون أخوك يكون نبيك" [الخروج (٧: ١) ]
(٢) تفسير ابن كثير ج١ ص (٣٤٥) .
(٣) المرجع السابق ج٢ ص (١١٥) .
(٤) تفسير ابن كثير ج٢ ص (٥٨٦) .
(٥) انظر كلامه عن القسم الأول ص (٣٨) .

<<  <   >  >>