للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خصه الله به من الصفات التي اقتضت إضافته إلى الله تبارك وتعالى كما خص ناقة صالح من بين النوق وكما خص بيته بمكة من بين البيوت وكما خص عباده الصالحين من بين الخلق ومن هذا الباب قوله تعالى {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} فإنه وصف هذا الروح بأنه تمثل لها بشراً سوياً وأنها استعاذت بالله منه إن كان تقياً، وأنه قال: إنما أنا رسول ربك. وهذا كله يدل على أنها عين قائمة بنفسها" (١) . كما يقول رحمه الله عن الموضوع نفسه "فأخبر هذا الروح الذي تمثل لها بشراً سوياً أنه رسول ربها فدل الكلام على أن هذا الروح عين قائمة بنفسها ليست صفة لغيرها وأنه رسول من الله ليس صفة من صفات الله ولهذا قال جماهير العلماء: إنه جبريل عليه السلام فإن الله سماه الروح الأمين وسماه روح القدس وسماه جبريل" (٢) .

وهذا يوضح أنه ليس لهم أدنى شبهة في هذا إذ المقصود بالروح القدس (وروحنا) : جبريل عليه السلام وليس المسيح بل إن البعض جعل معنى الروح في قوله تعالى {وَرُوحٌ مِنْهُ} أيضاً جبريل عليه السلام يقول ابن جرير "وقال آخرون معنى الروح ههنا: جبريل عليه السلام قالوا: ومعنى الكلام: وكلمته ألقاها إلى مريم وألقاها أيضاً إليها روح من الله قالوا: فالروح معطوف به على ما في قوله "ألقاها" من ذكر الله بمعنى أن إلقاء الكلمة إلى مريم كان من الله ثم من جبريل عليه السلام " (٣) .


(١) الجواب الصحيح ج٢ ص (١٥٦-١٥٧) .
(٢) المرجع السابق ج١ ص (٢٤٠) .
(٣) تفسير ابن جرير ج٦ ص٢٣٦.

<<  <   >  >>