للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعضهم: لولا فلان؛ لم يكن كذا وكذا، وبعضهم يقول: هذا بشفاعة آلهتنا".

وهكذا كل ينسب النعمة إلى من يعظمه من الآباء والآلهة والأشخاص، متناسين مصدرها الصحيح، والمنعم بها على الحقيقة، وهو الله - سبحانه -.

كما أن بعضهم ينسب نعمة السير في البحر والسلامة من خطره إلى الريح وحذق الملاح، فيقول: كانت الريح طيبة والملاح حاذقا.

ومثله اليوم ما يجري على ألسنة الكثير من نسبة حصول النعم واندفاع النقم إلى مجهود الحكومات والأفراد أو تقدم العلم التجريبي؛ فيقولون مثلاً: تقدم الطب تغلب على الأمراض أو قضى عليها، والمجهودات الفلانية تقضي على الفقر والجهل ... وما أشبه ذلك من الألفاظ التي يجب على المسلم أن يبتعد عنها ويتحفظ منها غاية التحفظ، وأن ينسب النعم إلى الله وحده، ويشكره عليها، وما يجري على يد بعض المخلوقين أفراداًأو جماعات من المجهودات إنما هي أسباب قد تثمر وقد لا تثمر، وهم يشكرون على قدر ما بذلوه، ولكن؛ لا يجوز نسبة حصول النتائج إلا إلى الله - سبحانه -.

وقد ذكر الله في كتابه الكريم عن أقوام أنكروا نعمة الله عليهم، ونسبوا ما حصلوا عليه من المال والنعمة إلى غير الله؛ إما إلى كونهم يستحقونها، أو إلى خبرتهم ومعرفتهم ومهارتهم:

قال تعالى: عن الإنسان: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} ١؛ فقوله: {هَذَا لِي} ؛ أي: حصلت على هذا بعلمي، وأنا محقوق به، لا أنه تفضل من الله ونعمه، ليس بحول العبد ولا بقوته.


١ صورة فصلت، الآية ٥٠.

<<  <   >  >>