للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: عن قارون الذي آتاه الله الكنوز العظيمة فبغى قومه، وقد وعظه الناصحون وأمروه بالاعتراف بنعمة الله والقيام بشكرها، فكابر عند ذلك وقال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} ١؛ أي: حصلت على هذه الكنوز بسبب حذقي ومعرفتي بوجوه المكاسب، لا أنها تفضل من الله - تعالى؛ فكانت عاقبته من أسوأ العواقب وعقوبته من أشد العقوبات؛ حيث خسف الله به وبداره الأرض لما جحد نعمة الله ونسبها إلى غيره، وأنه حصل عليها بحوله وقوته.

وما أحرى هؤلاء الذين اغتروا ف زماننا بما توصلوا إليه من مخترعات وقدرات أقدرهم عليه امتحانا لهم، فلم يشكروا نعمة الله، وصاروا يتشدقون ويتفاخرون بحولهم وقوتهم وبغوا في الأرض بغير الحق، وتطاولوا على عباد الله؛ ما أحراهم بالعقوبة!

فقد اغترت قبلهم عاد بقوتها؛ كما قال الله تعالى عنهم: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَفَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} ٢.

وهاكم قصة قصها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جماعة ممَّن كان قبلنا، ابتلاهم الله فأنعم عليهم؛ فمنهم من جحد نعمة الله ونسب ما حصل عليه من المال إلى وراثته عن آبائه؛ فسخط الله عليه، ومنهم من اعترف بفضل الله وشكر نعمة الله؛ فرضي الله عنه.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن ثلاثة من بني إسرائيل أبرص أقرع أعمى، فأراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا:


١سورة القصص الآية ٧٨.
٢ سورة فصلت، الآية ١٥.

<<  <   >  >>