للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم فلان، ما لي إلا الله ثم أنت ... لأن العطف ب "ثم" يقتضي الترتيب والتعقيب، وأن مشيئة العبد تأتي بعد مشيئة الله - تعالى، لا مساوية لها؛ كما قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} ١؛ فمشيئة العبد تابعة لمشيئة الله - تعالى؛ فالعبد وإن كانت له مشيئة - خلافا للجبرية؛ فمشيئة تابعة لمشيئة الله، ولا يقدر على أن يشاء شيئا إلا إذا كان قد شاءه؛ خلافا للقدرية من المعتزلة وغيرهم، الذين يثبتون للعبد مشيئة تخالف ما أراده الله، تعالى الله عما يقولون.

٣- الشرك في النيات والمقاصد:

ومن الشرك الأصغر الشرك في النيات والمقاصد، وهو ما يسمى بالشرك الخفي؛ كالرياء، وهو نوعان:

أ- الرياء: وهو مشتق من الرؤية، والمراد به إظهار العبادة؛ لقصد رؤية الناس لها؛ فيحمدون صاحبها.

والفرق بين الرياء وبين السمعة: أن الرياء لما يرى من العمل كالصلاة، والسمعة لما كالقراءة والوعظ والذكر.

ويدخل في ذلك تحدث الإنسان عن أعماله وإخباره بها.

وقد قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ٢.

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في معنى الآية: "أي: كما أن الله واحد ل إله سواه؛ فكذلك ينبغي أن تكون العبادة له وحده لا شريك له؛ فكما تفرد بالإلهية يجب أن يفرد بالعبودية؛ فالعمل الصالح هو الخالص من الرياء المقيد


١ سورة التكوير، الآية٢٩.
٢ سورة الكهف، الآية ١١٠.

<<  <   >  >>