الدهر؛ فإنما سبوا الله - عز وجل؛ لأن الله هو الفاعل لذلك حقيقة.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله -: "وقد غلط ابن حزم ومن نحا نحون من الظاهرية في عدهم الدهر من الأسماء الحسنى؛ أخذاً بهذا الحديث، وقد بيَّن معناه في الحديث بقوله: "أقلب الليل والنهار"، وتقليبه تصرفه تعالى فيه بما يحبه الناس ويكرهونه.
فالذي يليق بالمسلم تجنب مثل هذه الألفاظ، وإن كان يعتقد أن الله هو المتصرف، لكن في تجنبها ابتعاد عن مشابهة الكفار، ولو في الألفاظ، وفي ذلك حفاظ على العقيدة، وتأدب مع الله - سبحانه
ومن جنس مسبة الدهر مسبة الريح، وقد ورد النهي عنها في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه عن أبي بن كعب - رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون؛ فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذا الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، وأعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به".
وذلك أن الريح إنما تهب بأمر الله وتدبيره؛ لأنه هو الذي أوجدها وأمرها؛ فمسبتها مسبة للفاعل، وهو الله - سبحانه؛ كما تقدم في سب الدهر؛ لأن سب الريح وسب الدهر يرجعان إلى مسبة الخالق الذي دبر هذه الكائنات.
ثم أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلمعندما يرون ما يكرهون مما يأتي مع الريح بأن يتوجهوا إلى خالقهم وآمرها؛ ليسألوه من خيرها وخير ما فيها، ويستعيذوا من شرها وشر ما فيها؛ فما استجلبت نعمة إلا بطاعة الله وشكره، ولا استدفعت نقمة إلا بالالتجاء إلى الله والاستعاذة به.
وأما سب هذه المخلوقات؛ ففيه مفاسد: منها: أنه سب ما ليس أهلاً للسب؛ فإنها مخلوقات مسخرة مدبرة. ومنها: أن سب هذه الأشياء متضمن