للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والماتريدية!! فهل يكون يا عباد الله هذا مؤمنا بالله وبكتابه وسنة رسوله؟! وهل يكون هذا معظما لربه؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.

رابعا: وكما أن أهل السنة والجماعة يثبتون لله الصفات التي وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله على وجه يليق بجلاله ولا يشبهونه بخلقه؛ فهم ينزهونه عن النقائض والعيوب تنزيها لا يفضي بهم إلى التعطيل بتأويل معانيها أو تحريف ألفاظها عن مدلولها بحجة التنزيه؛ فمذهبهم في ذلك وسط بين طرفي التشبيه والتعطيل، تجنبوا التعطيل في مقام التنزيه وتجنبوا التشبيه في مقام الإثبات.

خامسا: وطريقة أهل السنة والجماعة فيما يثبتون لله من الصفات وما ينفون عنه من النقص هي طريقة الكتاب والسنة، وهي الإجمال في النفي والتفصيل في الإثبات؛ كما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ١؛ فأجمل في النفي وهو قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وفصل في الإثبات وهو قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .

وكل نفي في صفات الله؛ فإنه يتضمن إثبات الكمال، وليس هو نفيا محضا، لأن النفي المحض ليس فيه مدح لأنه عدم محض والعدم ليس بشيء.

ومن أمثلة النفي المتضمن لإثبات الكمال؛ قوله تعالى: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} ٢؛ أي: لكمال عدله - سبحانه -.

وقوله: {وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} ٣؛ أي: لكمال قدرته وقوته.

وقوله: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} ٤؛ أي: لكمال حياته وقيوميته.

وهكذا كل نفي عن الله؛ فإنه يتضمن إثبات ضد المنفي من الكمال والجلال.

هذا ونسأل الله البصيرة في دينه والعمل بطاعته ومعرفة الحق والعمل به.


١ سورة الشورى، الآية ١١.
٢ سورة الكهف، الآية ٤٩.
٣ سورة البقرة، الآية ٢٥٥.
٤ سورة البقرة، الآية ٢٥٥.

<<  <   >  >>