للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عن موسى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} ١.

وقال عن المسيح: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} ٢.

وقد قال تعالى فيمن تقدم من الأنبياء وعن التوارة: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} ٣.

وقال تعالى عن ملكة سبأ: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ٤.

فالإسلام هو دين الأنبياء جميعا، وهو الاستسلام لله وحد، فمن استسلم له ولغيره؛ كان مشركا، ومن لم يستسلم له؛ كان مستكبرًا، وكل من المشرك والمستكبر عن عبادة الله كافر.

والاستسلام لله يتضمن عبادته وحده، وأن يطاع وحده، وذلك بأن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت، فإذا أمر في أول الإسلام بأن يستقبل بيت المقدس، ثم أمر بعد ذلك باستقبال الكعبة؛ كان كل من الفعلين - حسن أمر به - داخلاً في الإسلام؛ فالدين هو الطاعة، وكل من الفعلين عبادة لله، وإنما تنوع بعض صور الفعل، وهو توجه المصلي؛ فكذلك الرسل دينهم واحد، وإن تنوعت الشرعة والمنهاج والوجه والمنسك؛ فإن ذلك لا يمنع أن يكون الدين واحداً؛ كما لم يمنع ذلك في شريعة الرسول الواحد؛ كما مثلنا باستقبال بيت المقدس أولاً ثم استقبال الكعبة ثانيا في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.

فدين الأنبياء واحد، وإن تنوعت شرائعهم؛ فقد يشرع الله في وقت أمرًا لحكمة، ثم يشرع في وقت آخر أمرًا لحكمة، فالعمل بالمنسوخ قبل نسخه


١ سورة يونس، الآية: ٨٤.
٢ سورة المائدة، الآية: ١١١.
٣ سورة المائدة، الآية: ٤٤.
٤ سورة النمل، الآية: ٤٤.

<<  <   >  >>