للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- المقام المحمود، وهو الشفاعة العظمى؛ كما في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} ١، وكما في حديث الشفاعة الطويل المتفق على صحته؛ أن الله يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون إلى ربكم؟ فيأتون آدم، ثم نوحا، ثم موسى، ثم عيسى، ثم إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؛ فكلهم يقول: اذهبوا إلى غيري؛ إلا محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ فإنه يقول: أنا لها، فيخر ساجدًا، إلى أن يؤذن له بالشفاعة، وبهذا يظهر فضله على جميع الخلق، واختصاصه بهذا المقام.

٣- عموم بعثته إلى الثقلين الجن والإنس؛ قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} ٢، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ} ٣، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} ٤، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ٥، {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} ٦، وهذا مجمع عليه.

والآيات التي أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم فيها خطاب لجميع الخلق الجن والإنس؛ إذ كانت رسالته عامة للثقلين، وإن كان من أسباب النزول ما كان موجودًا في العرب؛ فليس شيء من الآيات مختصا بالسبب المعيَّن الذي نزل فيه باتفاق المسلمين؛ فلم يقل أحد من المسلمين: إن آيات الطلاق أو الظهار أو اللعان أو حد السرقة والمحاربين ... وغير ذلك يختص بالشخص المعين الذي كان سبب نزول الآية.

والمقصود هنا: أن بعض آيات القرآن، وإن كان سببه أمورًا كانت في


١ سورة الإسراء، الآية: ٧٩.
٢ سورة الأعراف، الآية: ١٥٨.
٣ سورة سبأ، الآية: ٢٨.
٤ سورة الفرقان، الآية: ١.
٥ سورة الأنبياء، الآية: ١٠٧.
٦ سورة الأحقاف، الآية: ٢٩.

<<  <   >  >>