للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معه الأنبياء، فصلى بهم فيه لما حانت الصلاة، ويحتمل أنها الصبح من يومئذ، ومن الناس من يزعم أنه أمهم في السماء، والذي تظاهرت به الروايات أنه أمهم ببيت المقدس، ولكن في بعضها أنه كان أو دخوله إليه، والظاهر أنه بد رجوعه إليه؛ لأنه لما مر بهم في منازلهم؛ جعل يسأل عنهم جبريل واحداً واحداً، وهو يخبر بهم، وهذا هو اللائق؛ لأنه كان أولاً مطلوبا إلى الجناب العلوي؛ ليفرض عليه وعلى أمته ما يشاء الله - تعالى، ثم لما فرغ من الذي أريد به؛ اجتمع فيه [أي: بيت المقدس] هو وإخوانه من النبيين، ثم ظهر شرفه وفضله عليهم بتقديمه في الإمامة، وذلك عن إشارة جبريل عليه السلام في ذلك، ثم خرج من بيت المقدس، فركب البراق، وعاد إلى مكة بغلس، والله - سبحانه وتعالى - أعلم.

هل كان الإسراء ببدنه عليه السلام وروحه أو بروحه فقط؟

اختلف الناس؛ هل كان الإسراء ببدنه عليه السلام وروحه أو بروحه فقط على قولين:

فالأكثرون من العلماء على أنه أسرى ببدنه وروحه يقظة لا مناما، والدليل على ذلك قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} ١؛ فالتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام، فلو كان مناما؛ لم يكن فيه شيء كبير، ولم يكن متستعظما، ولما بادرت كفار قريش إلى تكذيبه، ولما ارتدت جماعة ممَّن كان قد أسلم، وأيضا قال - سبحانه: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} ٢؛ قال ابن عباس: "هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به"، رواه البخاري، و قال - سبحانه - {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} ٣،


١ سورة الإسراء، الآية: ١.
٢سورة الإسراء، الآية: ٦٠.
٣ سورة النجم، الآية: ١١٧.

<<  <   >  >>