للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرى رؤيا؛ إلا جاءت مثل فلق الصبح، وقد تقدم مثل ذلك في حديث بدء الوحي أنه رأى مثل ما وقع له يقظة مناما قبله؛ ليكون ذلك من باب الإرهاص والتوطئة والتثبيت والإيناس ... والله أعلم".

هل تكرر المعراج؟:

قال الحافظ ابن كثير بعد أن ساق الأحاديث الواردة في هذا الموضوع: (وإذا حصل الوقوف على مجموع هذه الأحاديث صحيحها وحسنها وضعيفها، فَحُصِّلَ مضمون ما اتفقت عليه من إسراء رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس، وأنه مرة واحدة، وإن اختلفت عبارات الرواة في أدائه، أو زاد بعضهم فيه، أو نقص منه؛ فإن الخطأ على من عدا الأنبياء عليهم السلام.

ومن جعل من الناس كل رواية خالفت الأخرى مرة على حدة؛ فأثبت إسراءات متعددة؛ فقد أبعد وأغرب وهرب إلى غير مهرب ولم يتحصل على مطلب.

وقد صرح بعض المتأخرين بأنه عليه السلام أسري به مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط، ومرة من مكة إلى السماء فقط، ومرة إلى بيت المقدس فقط ومنه إلى السماء، وفرح بهذا المسلك وأنه قد ظفر بشيء يخلص به من الإشكالات، وهذا بعيد جدّاً، ولم ينقل هذا عن أحد من السلف، ولو تعدد هذا التعدد؛ لأخبر النبي صلى الله عليه وسلم به أمته، ولنقله الناس على التعدد والتكرار.

وزعم بعض الصوفية أن المعراج وقع له صلى الله عليه وسلم ثلاثين مرة، وقال بعضهم: أربعا وثلاثين مرة؛ واحدة منها بجسمه الشريف، والباقي بروحه.

وقيل: كان الإسراء مرتين: مرة يقظة، ومرة مناما. وأصحاب هذا القول كأنهم أرادوا الجمع بين حديث شريك وقوله:"ثم استيقظت"، وبين سائر الروايات.

<<  <   >  >>