وكذلك منهم من قال: بل ثلاث مرات: مرة قبل الوحي، ومرتين بعده ... وكلما اشتبه عليهم لفظه؛ زادوا مرة للتوفيق) .
قال ابن القيم:"يا عجبا لهؤلاء الذين زعموا أنه كان مرارًا؛ كيف ساغ لهم أن يظنوا أنه في كل مرة يفرض عليهم الصلوات خمسين، ثم يتردد بين ربه وبين موسى حتى تصير خمسا، فيقول: أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي ... ثم يعيدها في المرة الثانية خمسين ثم يحطها إلى خمس". وقال ابن كثير:"وكان بعض الرواة يحذف بعض الخبر للعلم به أو ينساه، أو يذكر ما هو الأهم عنده، أو يبسط تارة فيسوقه كله، وتارة يحذف عن مخاطبه بما هو الأنفع عنده، ومن جعل كل رواية إسراء على حدة؛ كما تقدم عن بعضهم؛ فقد أبعد جدّاً، وذلك أن كل السياقات فيها السلام على الأنبياء، وفي كل منها يعرفه بهم، وفي كلها يفرض عليه الصلوات؛ فكيف يمكن أن يدَّعي تعدد ذلك؟! هذا في غاية البعد والاستحالة، والله أعلم".
٢- عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، والرد على من أنكره.
يقول جماعة من اليهود والنصارى ومن قلّدهم: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم مرسل إلى العرب دون أهل الكتاب، ويلبسّون بقولهم: إن كان دينه حقا؛ فديننا - أيضا - حق، والطرق إلى الله تعالى متنوعة!، ويشبهون ذلك بمذاهب الأئمة؛ فإنه وإن كان أحد المذاهب راجحا؛ فأهل المذاهب الأخر ليسوا كفاراً.
وهذا القول ظاهر البطلان؛ لأنهم لما صدقوا برسالته؛ لزمهم تصديقه في كل ما يخبر به، وقد قال: إنه رسول الله إلى الناس عامة، والرسول لا يكذب؛ فلزم تصديقه حتما، وقد أرسل رسله وبعث كتبه في أقطار الأرض إلى كسرى وقيصر والنجاشي والمقوقس وسائر ملوك الأطراف يدعو إلى الإسلام، ثم مقاتلته