للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه دعا أهل الكتاب إلى الإيمان به، وأنه حكم بكفر من لم يؤمن به منهم، وأنه أمر بقتالهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وأنه قاتلهم بنفسه وسراياه، وأنه ضرب الجزية عليهم وقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وغنم أموالهم؛ فحاصر بني قينقاع ثم أجلاهم إلى أذرعات، وحاصر بني النضير ثم أجلاهم إلى خيبر، وفي ذلك أنزل الله سورة الحشر، ثم حاصر بني قريظة لما نقضوا العقد وقتل رجالهم وسبى حريمهم وأخذ أموالهم، وقد ذكره الله تعالى في سورة الأحزاب، وقاتل أهل خيبر حتى فتحها وقتل من قتل من رجالهم وسبى من سبى من ريمهم وقسم أرضهم على المؤمنين، وقد ذكره الله تعالى في سورة الفتح، وضرب الجزية على النصارى، وفيهم أنزل الله سورة آل عمران، وغزا النصارى عام تبوك، وفيها أنزل الله سورة براءة، وفي عامة السور المدنية مثل البقرة وآل عمران والنساء والمائدة وغير ذلك من السور المدنية من دعوة أهل الكتاب وخطابهم ما لا يتسع المقام لنشره.

ثم خلفاؤه بعده أبو بكر وعمر ومن معهما من المهاجرين والأنصار، الذين يعلم أنهم كانوا أتبع الناس له، وأطوعهم لأمره، وأحفظهم بعهده، وقد غزوا الورم كما غزوا فارس، وقاتلوا أهل الكتاب كما قاتلوا المجوس؛ فقاتلوا من قاتلهم، وضربوا الجزية على من أداها منهم عن يد وهم صاغرون.

ومن الأحاديث الصحيحة عنه قوله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده؛ لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي؛ إلا دخل النار"؛ قال سعيد بن جبير: "تصديق ذلك في كتاب الله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُه} ١، ومعنى الحديث متواتر عنه معلوم بالاضطرار.

فإذا كان الأمر كذلك؛ لزم أنه صلى الله عليه وسلم رسول إلى كل الطوائف؛ فإنه يقرر بأنه رسول الله إلى أهل الكتاب وغيرهم؛ فإن رسول الله لا يكذب، ولا يقاتل الناس


١ سورة هود، الآية: ١٧.

<<  <   >  >>