للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وإنما ينكرها أهل البدع من المعتزلة والجهمية ومن تابعهم، وهذا إنكار لما هو ثابت في القرآن والسنة؛ ففي القرآن الكريم قصة أصحاب الكهف وقصة مريم، وفي السنة الصحيحة مثل نزول الملائكة كهيئة الظلة فيها أمثال السرج لاستماع قراءة أسيد بن حضير - رضي الله عنه، وسلام الملائكة على عمران بن حصين - رضي الله عنه، ولها أمثلة كثيرة، ومن أراد الاطلاع على هذه المسألة؛ فليراجع كتاب "الفرقان بين أوليا الرحمن وأولياء الشيطان" لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -.

وقد حصل في موضوع كرمات الأولياء التباس وخلط عظيم بين الناس؛ فطائفة أنكروا وقوعها ونفوها بالكلية، وهم الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم؛ فخالفوا النصوص، وكابروا الواقع، وطائفة غلت في إثباتها، وهم العوام وعلماء الضلال؛ فأثبتوا الكرامات للفجرة والفساق ومن ليسوا من أولياء الله، بل من أولياء الشيطان، واعتمدوا في إثبات ذلك على الحكايات المكذوبة والمنامات والخوارق الشيطانية؛ فادعوا الكرامات للسحرة والمشعوذين والدجالين من مشايخ الطرق الصوفية والمخرفين؛ حيت عبدوهم من دون الله أحياءً وأمواتا، وبنوا الأضرحة على قبور من يزعمون لهم الولاية ممَّن حيكت لهم الدعايات العريضة، ونسب إليهم التصرف في الكون وقضاء حوائج من دعاهم، وطلب منهم المدد، واستغيث بهم، وسموهم الأقطاب والأغواث؛ بسبب تلك الكرامات المزعومة والحكايات المكذوبة؛ فقد اتخذت دعوى الكرامات ذريعة لعبادة من نسبت إليه، وربما سموا الشعوذة والتدجيل والسحر كرامة؛ لأنهم لا يفرقون بين الكرامة والأحوال الشيطانية، ولا يفرقون بين أولياء الرَّحمن وأولياء الشيطان، وإلا؛ فمن المعلوم أنه حتى من ثبت أنه ولي لله بنص من القرآن أو السنة، وإن جرى على يده كرامة من الله؛ لا يجوز أن يعبد من دون الله، ولا أن يُتبرك به أو بقبره؛ لأن العبادة حق الله وحده.

<<  <   >  >>