بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن شريعته مؤبدة إلى يوم القيامة ولا تنسخ، وهذا استدلال فاسد؛ لأنه ليس المراد بنزول عيسى عليه السلام أنه ينزل نبيا بشرع ينسخ شرعنا، ولا في هذه الأحاديث ولا في غيرها شيء من هذا، بل صحت هذه الأحاديث هنا وما سبق في كتاب الإيمان وغيرها أنه ينزل حكما مقسطا يحكم بشرعنا ويحيي من أمور شرعنا ما هجره الناس ... " انتهى.
أقول: وفي عصرنا هذا ينكر بعض الكتاب الجهال وأنصاف العلماء نزول عيسى عليه السلام اعتمادًا على عقولهم وأفكارهم، ويطعنون في الأحاديث الصحيحة، أو يؤولونها بتأويلات باطلة، والواجب على المسلم التصديق بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وصح عنه اعتقاده؛ لأن ذلك من الإيمان بالغيب الذي أطلع الله رسوله عليه.
قال العلامة السفاريني - رحمه الله -: "ويكون مقرِّرًا لشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه رسول لهذه الأمة كما مر، ويكون قد علم أحكام هذه الشريعة بأمر الله تعالى وهو في السماء قبل أن ينزل".
قال: "وزعم بعض العلماء أنه بنزول سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام يرفع التكليف، وهذا مردود؛ للأخبار الواردة أنه يكون مقرِّرً لأحكام هذه الشريعة ومجدِّدًا لها؛ إذ هي آخر الشرائع، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم آخر الرسل، والدنيا لا تبقى بلا تكليف؛ فإن بقاء الدنيا إنما يكون بمقتضى التكليف، إلى أن لا يقال في الأرض: الله الله. ذكره القرطبي في تذكرته".
قال: "وأما مدته ووفاته؛ فقد ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الطبراني وابن عساكر؛ أنه صلى الله عليه وسلم قال:"ينزل عيسى بن مريم، فيمكث في الناس أربعين سنة"، وعند الإمام أحمد وأبي شيبة وأبي داود وابن جرير وابن حبان عنه؛ أنه يمكث أربعين سنة، ثم يتوفى، ويصلي عليه المسلمون، ويدفنوه عند نبينا