للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: خوف السر، وهو أن يخاف من غير الله من وثن أو طاغوت أو ميت أو غائب من جن أو إنس أن يصيبه بما يكره.

كما قال الله عن قوم هود عليه السلام؛ أنهم قالوا له: {إِنْ نَقُولُ إِلاّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ} ، وقد خوف المشركون رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم من أوثانهم؛ كما قال تعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِه} ١.

وهذا الخوف من غير الله هو الواقع اليوم من عباد القبور وغيرها من الأوثان؛ يخافونها ويخوِّفون بها أهل التوحيد إذا أنكروا عبادتها وأمروا بإخلاص العبادة لله، وهذا النوع من الخوف من أهم أنواع العبادة، يجب إخلاصه لله وحده؛ قال تعالى: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ٢، وقال تعالى: {فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} ٣.

وهذا الخوف من أعظم مقامات الدين وأجلها، فمن صرفه لغير الله؛ فقد أشرك بالله الشرك الأكبر، والعياذ بالله.

الثاني من أنواع الخوف: أن يترك الإنسان ما يجب عليه خوفا من بعض الناس. فهذا محرم، وهو شرك أصغر، وهذا هو المذكور في قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ٤.

وهذا - أيضا - هو الخوف المذكور في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "لا يحقر أحدكم نفسه. قالوا: يا رسول الله! كيف يحقر أحدنا نفسه؟ ، قال: يرى أمرًا لله عليه


١ سورة الزمر، الآية: ٣٦.
٢ سورة آل عمران، الآية: ١٧٥.
٣ سورة المائدة، الآية: ٣.
٤ سورة آل عمران، الايتان: ١٧٣ ـ ١٧٥.

<<  <   >  >>