جمعوا بين الإيمان بالنصوص الثابتة عن الله وعن رسوله، وبين التنزيه، فلم يتبنّوا تنزيه الله تعالى بالعقل معرضين عن الشرع والنصوص الواردة"١"، كما أنهم لم يتبنّوا الإيمان بظاهر النصوص معرضين عن التنزيه.
فآمنوا بالله تعالى وبأسمائه وصفاته حسب ما ورد عن الله تعالى، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى ما يليق بجلاله سبحانه، مع نفي التشبيه، والتأويل، والتعطيل، والتكييف.
فإن كانت عنده هذه العقيدة عَيباً في الإمام الدَّارَقُطْنِيّ فَكَفَى بذلك العيب مدحاً له وثناء.
الجواب عن الاتهام الثالث:
أما التعارض -في الظاهر- بين عبارات الدَّارَقُطْنِيّ في الجرح والتعديل، فلم أر ذلك عنده -في حدود معرفتي به- ولم يَذكره أحد من الأئمة الذين نَخَلُوا عباراته واعتمدوا عليه كثيراً في الجرح والتعديل كالإمام الذهبي والحافظ ابن حجر، وأمثالهما، وهم الذين يُنبهون كثيراً عند نقل الأقوال غير المعتبرة أو قول من لا يعتبر قوله.
ولو رأيتُ في عباراته تناقضاً أو تعارضاً لذكرته -عَلِمَ الله- وليس لي مصلحة في نَفْي أو إثبات التعارض في عبارات الدَّارَقُطْنِيّ، لولا أن الأمانة
"١" وما ضلّ المعتزلة وَمَنْ شابههم إلا من هذا الطريق، حتى أوصلهم قصدُ التنزيه -إن كانوا قصدوه فعلاً- إلى أن قالوا: يجب على الله أن يعذب العاصي ويثيب المطيع!! ويَحْرمُ عليه أن يُعذّب الطفل!!. تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.