الإمام الدَّارَقُطْنِيّ رحمه الله تعالى، كان اهتمامه بالجرح والتعديل وتاريخ الرواة ومعرفة أسمائهم، ونحو ذلك، أكثرَ من اهتمامه بغيره، سوى الحديث.
ولهذا أَلّف في علوم الحديث كثيرا، وحكم على الرواة، جرحاً وتعديلاًً، بكثرة بالغة.
وقد اعتمد حكمه في الرواة أئمة الحديث من لدن عصره إلى اليوم في الجملة، وإن ردوه أحيانا حين يظهر خطؤه.
وإن المتأمل في الأقوال المنقولة في الرواة المعاصرين للدارقطني يجد العلماء أكثر ما ينقلون من الأقوال فيهم -جرحاً وتعديلا- قول الدَّارَقُطْنِيّ نفسه، أو قول تلميذه الإمام الحاكم أبي عبد الله، وتلميذه الإمام البَرْقانِيّ.
وقد تأمّلت كتاب "العِبَر ... " للحافظ الذهبي فوجدته لا ينقل الجرح والتعديل -غالباً- في الرواة المعاصرين للدارقطني إلا عنه أو عن الحاكم أو عن البَرْقانِيّ، ومثله في ذلك الخطيب في "تاريخ بغداد".
وللحافظ الذهبي كتاب ذَكَر فيه من يعتمد قوله في الجرح والتعديل، وقال في مقدمته:""ونشرع الآن بتسمية من كان إذا تكلم في الرجال قبل قوله، ورجع إلى نقده، ونسوق من يسّر الله تعالى منهم على الطبقات