الموقف الثاني هو نقد، للصحيحين، وذلك بتضعيف راوٍ فيهما، أو في أحدهما، أو بتضعيف حديثٍ فيهما، أو في أحدهما.
ويمثّل هذا الموقف كتابه:"التتبع، لما أخرج في الصحيحين، وله علّة"، إذ تتبع فيه كل حديث ينتقده على الصحيحين، وبلغ مجموعها ٢٠٠ مائتي حديث، وليست كلها عنده بعلة قادحة.
وهذا لا يتعارض مع رأيه السابق -كما تقدم-، لأن هذا نقد للصحيحين ليس في منهجهما جملة بل في بعض الجزئيات التطبيقية.
والإمام الدَّارَقُطْنِيّ رحمه الله تعالى منتقد في أكثر آرائه في هذا الموقف.
والحث أن "كل حديث في الصحيحين متصل السند فهو حديث صحيح" وهذه قاعدة أُسلّم بها.
وقبول العلماء للصحيحين، وإجماعهم على ذلك على مرّ العصور يؤيدها، وأقوالهم كذلك تؤيدها، وإن كان هناك أقوال أخرى لبعض الأئمة -كالدَّارَقُطْنِيّ في موقفه هذا- تُعارِض عموم هذه القاعدة، إلا أنه لا معوّل عليها، وليست هي المعتمدة، لأن تلك الأقوال لا تخرج عن أمرين:
الأول: إما أن تكون مبنيّة على سبب أو أسباب مسلّم بها، ولكنها لا تضرّ بصحة الحديث في منهج المحدثين.
الثاني: وإما أن تكون مبنيّة على سبب أو أسباب غير مسلّم بوجودها في