فهذا كتاب "قواعد في علوم الحديث" يذكر في صفحة: ١٨٩ الدَّارَقُطْنِيّ في الأئمة المعتدلين في الجرح، وفي صفحة: ١٩٣ يذكره في المتعنتين في جرح أهل بعض المذاهب "يعني الحنفية".
وفي كتاب "الرفع والتكميل في الجرح والتعديل" يذكر الدَّارَقُطْنِيّ في صفحة: ١٨٦ في قسم المعتدلين من الأئمة في الجرح والتعديل. وفي صفحة ٥٤، و٥٥ يعدّه في المتعنتين المتعصبين في الجرح والتعديل.
فإن قيل: لا تعارض بين القولين. قلت: ولْتَكُنْ كذلك، فقد سلّمتم بأنه معتدل عموما، وادعيتم أنه متعنت في الحنفية خصوصاً.
ولم تثبت -عندي هذه الدعوى؛ لأن الذي أوجب كلامَ هؤلاء في الإمام الدَّارَقُطْنِيّ -عندهم- وطعنَهم فيه هو كلامُه في الجرح والتعديل -وهو اختصاصه- وهو علم لا يُداهِن ولا يجامل أحداً، "إنما هذا العلم دين".
ولهذا تكلم علي بن المديني في أبيه وقال: إنه أبي، ولكنه الحديث.
وقال محمد بن محمد الباغندي:""لا تكتبوا عن أبي فإنه يكذب"""١".
وهذا هو الأصل الذي يدور عليه كلام الأئمة رحمهم الله تعالى في الرواة بغض النظر عن مذاهبهم الفقهية أو غيرها وعن جلالتهم وإمامتهم، لأن هذا شيء، وضبط الحديث شيء آخر، وكم من إمام جليل اعتَرَفَ أئمة الجرح والتعديل بإمامته وجلالة قدره ومع ذلك ضعّفوه في حفظه أو في شيخ من شيوخه أو في أمرٍ آخر.
ولما تكلم الإمام الدَّارَقُطْنِيّ -كآخرين غيره من الأئمة- في حفظ الإمام أبي حنيفة رحمه الله تكلم فيه من تكلم من الحنفية، وبالغ بعضهم فاتهمه في.