وقد تبدو هذه دعوى عريضة ليس عليها حجة، ولكن إليك الدليل:
أولاً: لقد اجتمع في الكتاب كثير من صفات كتب العلل، وتمكنت منه تلك الصفات حتى لا تكاد تخلو صفة فيه من تلك الصفات منها نحو:
أ - جمع الطرق الكثيرة للحديث الواحد -وإن كان قد يجمعها أحيانا ليقوي الحديث بكثرة الطرق، كما في حديث شبرمة، وغيره-.
ب- بيان على الضعيف منها، من إرسال، أو انقطاع، أو وقف، أو غيره.
جـ- المقارنة بين تلك الطرق، إذا اقتضى الأمر ذلك.
ثانياً: بالنظر إلى نسبة الأحاديث التي أوضح عللها أو أبان ضعفها، في جنب الأحاديث التي حكم بصحتها أو حسنها يتبين أن النوع الأول من الأحاديث هو الأكثر جدا، بحيث أن الإنسان لا يتردد في أن الغرض الأساس من تأليف الكتاب لدى المؤلف هو كشف علل أحاديث الأحكام في أبوابها -وإن خرج عن هذا القصد أحيانا، لسبب أو آخر- كأن يورد أحاديث صحيحة تعارض الحديث الضعيف ليبين ضعفه"١". وإلا فما الذي يلجئ الدَّارَقُطْنِيّ رحمه الله تعالى -وهو الإمام الحافظ- إلى إيراد هذا النوع من الحديث -أي الأحاديث الضعيفة والواهية الساقطة- والعدول عن الأحاديث الصحيحة في كل باب تحت عنوان "السنن"؟ رغم أنه كان ذلك الرجل الذي انبري لنقد أحاديث صحيح