لكن من المؤكد لديّ، من خلال هذه الدراسة، أن كتاب "سنن الدَّارَقُطْنِيّ"، لم يؤلفه الدَّارَقُطْنِيّ لجمع المحتج به من السنة قطعاً، -وإن أورد فيه أحاديث محتجاً بها-.
ويغلب على ظني أن الدَّارَقُطْنِيّ ألفه لجمع غير المحتج به، من الأحاديث الضعيفة والموضوعة -كما سبق في "موضوع سنن الدَّارَقُطْنِيّ"، في المبحث الثالث من هذا الباب-، لأن المتحصل من نتائج نظرتي المتكررة في الكتاب أن مجموع عدد الأحاديث الضعيفة والواهية في الكتاب يبلغ نحو ٤٧٠٠ غير مستقصى، ويؤكد هذا ما نقلته في هذا الباب عن بعض الأئمة كالزيلعي وابن تيمية. وأما ما سكت عنه فمنه الصحيح، ومنه الضعيف، ومنه الموضوع.
ومع هذا فإن الدراسة تبقي غير مستقصية تماما، حتى يحقق الكتاب تحقيقا علميا، وتخرّج أحاديثه، ويبين الصحيح منها والضعيف والموضوع. ثم تعمل دراسة -بعد ذلك- للكتاب لهذا الغرض.
وينبني على هذا الذي توصلت إليه في موضوع الكتاب أنه لا يجوز الاعتماد على حديثٍ بمجرد وجوده في سنن الدَّارَقُطْنِيّ، بل لابد من تخريج الحديث أولاً لمعرفة هل هو محتج به أو غير محتج به، وذلك لأن الغالب في أحاديث الكتاب الضعيف والواهي، ولأن الدَّارَقُطْنِيّ قد سكت فيه يقينا على أحاديث أناس كذابين ومتروكين وضعفاء عنده كما اتضح ذلك في بعض الأمثلة السابقة التي أوردتها في هذا الباب.