للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

د- وقال أيضاً: ""قال أبو الحسن العَتِيقي: حضرت أبا الحسن وجاءه أبو الحسين بغريب ليقرأ له شيئا فامتنع واعتلّ ببعض العلل، فقال: هذا غريب، وسأله أن يملي عليه أحاديث، فأملى عليه أبو الحسن من حفظه مجلسا تزيد أحاديثه على العشرين متنا، جميعاً: "نعم الشيء الهدية أمام الحاجة".

قال: فانصرف الرجل ثم جاء بعدُ وقد أَهْدَى له شيئاً، فقرّبه وأملى عليه من حفظه سبعة عشر حديثاً، متون جميعها: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه".

قال الذهبي: ""قلت: هذه حكاية صحيحة رواها الخطيب عن العَتِيقي، وهي دالة على سعة حفظ هذا الإمام، وعلى أنه لوّح بطلب شيء، وهذا مذهب لبعض العلماء، ولعل الدَّارَقُطْنِيّ كان إذ ذاك يحتاجه، وكان يَقبل جوائز دعلج السَّجَزِي وطائفة، وكذا وصله الوزير ابن حنزابة بجملة من الذهب لما خرّج له المسند"""١".

هـ- وقال الذهبي أيضاً معلقاً على قصة إملائه على الغريب:

""قلت: هنا يخضع للدارقطني ولسعة حفظه الجامع لقوة الحافظة، ولقوة الفهم والمعرفة، وإذا شئت أن تبين براعة هذا الإمام الفرد فطالع "العلل" له فإنك تندهش ويطول تعجبك"""٢".

قلت: حقا إن العجب والدهشة من حفظه لا ينتهيان، سواء بالنظر إلى كلام الأئمة فيه واعترافهم له بذلك، بل دهشتهم منه، كما هو واضح مما


"١" "سير أعلام النبلاء": جـ١٠ ق٥٢٣.
"٢" "تذكرة الحفاظ": ٣/٩٩٣،٩٩٤.

<<  <   >  >>