بالإثم، وخيف عليه أن يدخل في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه منهم؛ في قوله:"من روى حديثاً يُرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين"، فظاهر هذا الخبر دالٌّ على أن كلّ من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً وهو شاكٌّ فيه: أصحيح، يكون كأحد الكاذبين؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال:"من حَدّث عني حديثاً، وهو يَرى أنه كذب ... "، ولم يقل: وهو يستيقن أنه كذب.
وللتحرز من مثل ذلك كان الخلفاء الراشدون، والصحابة المنتخبون، رضوان الله عليهم، يَتَّقون كثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتشددون في ذلك، منهم: أبو بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن
ابن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، والمقداد بن الأسود، وأبو أيوب الأنصاري، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمران بن حصين، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأبو الدرداء، وأبو قتادة، وصهيب، وقرظة بن كعب وغيرهم.
وكان أبو بكر وعمر يطالبان من روى لهما حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسمعاه منه= بإقامة البينة عليه، ويتوعدانه في ذلك.
وكان علي بن أبي طالب يستحلف عليه"١".
"١" هذا ليس على إطلاقه؛ إذ كان ذلك يكون منهم في بعض الأحوال التي يحتاج فيها أحدهم إلى مثل هذا. انظر: "منهج النقد عند المحدثين: نشأته وتاريخه"، د. محمد مصطفى الأعظمي: ص٥٣.