قال: وحدثنا محمد بن مخلد، ثنا عمر بن مدرك، قال سمعت مكي بن إبراهيم، يقول: كان جعفر بن الزبير يقول: حدثنا القاسم، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحواً من مائتي حديث؛ فرأيت شعبة يأتي عمران بن حُدَيْر؛ فيقول: قم بنا نغتاب هؤلاء في الله عز وجل، فيترك حماره، ويمضي معه.
قال:"حدثنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان النيسابوري، حدثنا أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن سلمة النيسابوري، قال: سمعت محمد بن بندار السبّاك الجرجاني يقول: قلت لأحمد بن حنبل: إنه يشتد عليّ أن أقول: فلان ضعيف، وفلان كذّاب. فقال أحمد: إذا سكتَّ أنت وسكتُّ أنا، فمتى يَعْرِف الجاهل الصحيح من السقيم؟.
قال الدارقطني: "فهؤلاء أئمة المسلمين، وأهل الفضل والورع في الدين، قد أباحوا الجرح، وأمروا بالبيان، وأخبروا أن ذلك ليس بغيبة، وأنه حُكْمٌ يلزم القول به العارفين، وأن السكون عنه لا يحل لأحد من المؤمنين، وأن إظهاره أفضل من السكوت عنه لأهل العلم من المتقنين.
إلى أن قال: فلولا أن أئمتنا -رحمهم الله- كثرت عنايتهم بأمر الدين، فحفظوا السنن على المسلمين، لضبطهم الإسناد، وانتقادهم الرواة، وبحثهم عنهم، وتمييزهم بين الصحيح والسقيم، لظهر في هذه الأمة من التبديل والتحريف ما ظهر في الأمم الماضية قبلها، لأنا لا نعلم أمةً من الأمم قبل أُمّتنا، حفظت عن نبيها، وحفظت على أمته من بعده من أمر دينها، ونفت عنه وعن شريعته التبديل والتحريف =ما حفظت هذه الأمة من سنن نبيها