والجواب: أنَّ المالكيَّ هو من أهل الأهواء والبدع، ومن أجل ذلك يقدح في الأحاديث التي لا توافق هواه، كهذين الحديثين، كما أنَّه يحتفي بأهل البدع ويُدافع عنهم، ولا يعتبرهم على باطل، وقد قال في (ص: ٤١ ـ حاشية) : "فقد يكون الحقُّ مع طرف، ولكنَّه نادر خاصة في العقائد، والأصل أنَّ معظمَ الاختلافات بين المسلمين أن يكون كل طرف ممسكاً بطرف من الحقيقة!! ".
فأمَّا حديث العرباض بن سارية، فرواه جماعةٌ كثيرون، ففي تعليق الشيخ شعيب الأرنؤوط وغيره على جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم لابن رجب (٢/١٠٩) : "رواه أبو داود (٤٦٠٧) ، والترمذي (٢٦٧٦) ، ورواه أيضاً أحمد (٤/١٢٦ ـ ١٢٧) ، والدارمي (١/٤٤) ، وابن ماجه (٤٣) و (٤٤) ، وابن أبي عاصم في السنة (٢٧) ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢/٦٩) ، والبغوي (١٠٢) ، والآجري في الشريعة (ص: ٤٦) ، والبيهقي (٦/٥٤١) ، واللالكائي في أصول الاعتقاد (٨١) ، والمروزي في السنة (٦٩) ـ (٧٢) ، وأبو نعيم في الحلية (٥/٢٢٠) ، و (١٠/١١٥) ، والحاكم (١/٩٥ ـ ٩٧) ، وصححه ابن حبان (٥") .
ولفظه عند أبي داود، قال العرباض:"صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله! كأنَّ هذه موعظة مودِّع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإنْ عبداً حبشيًّا؛ فإنَّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء المهديين الراشدين، تَمسَّكموا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة".