الحقِّ الذي نُؤجَرُ على الصبر عليه، إنَّما نُؤجَر على الصبر على الحق الواضح المبني على قطعي الثبوت والدلالة من أدلَّة الكتاب والسنَّة، فالحقُّ الذي ذكره الله في كتابه وأخبر به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس بهذا الخفاء، بحيث لا يهتدي إليه إلاَّ الغلاة، لهذا علينا أن نصحح أوضاعنا العلمية والعملية وفق النصوص الشرعية، لا ما تسوله لنا أنفسنا وغفلتنا وقناعتنا الخادعة بأنَّنا أحسن الناس إيماناً؛ لأنَّ الإيمان ليس بالتحلِّي ولا بالتمنِّي، وإنَّما هو قولٌ وعمل ومنهج عدل وعلم وصدق وتثبت!! ".
وقال (ص: ١٨٦) : "ضرورة العودة للقرآن الكريم والالتزام بما فيه من مجمل الإيمانيات التي يسمُّونها العقائد ومجمل الأوامر الظاهرة والمحرمات الظاهرة والأخلاق الواجبة، وعدم امتحان الناس بالمتشابه منه، ثم العودة لمتواتر السنَّة، ثم الصحيح المشهور، وترك التنازع في المختلف فيه من السنَّة، سواء من حيث الثبوت أو دلالة النصِّ، وفتح حرية الاجتهاد في ذلك ... !! ".
وأجيب عن ذلك بما يلي:
١ ـ هذه الطريقة التي ذكرها المالكي وهي التعويل على ما كان قطعيَّ الثبوت والدلالة من النصوص هي طريقةُ المبتدعة وأهل الأهواء، وهو واحد منهم، ولهذا قرَّر هذه الطريقة، وأُعجب بها، وأمَّا أهل السنَّة والجماعة فهم يُعوِّلون على القرآن والمتواتر والآحاد من السنَّة، ومن أوضح الأدلة على التعويل على أحاديث الآحاد في العقائد وغيرها حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه في بعثه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ليعلِّم الناس دينهم؛ فإنَّ الحجَّةَ قامت على أهل اليمن بما يُخبرهم به في الأصول والفروع، وهو شخصٌ واحد، وهذا بخلاف طريقة أهل الأهواء الذين لا يأخذون بأحاديث الآحاد؛ بزعمهم أنَّها ظنيَّةُ الثبوت، وأمَّا القرآن ومتواتر السنَّة الذي لا يتمكَّنون من ردِّه لكونه قطعيَّ الثبوت،