يقدحون في ثبوت معناه إذا لم يوافق أهواءَهم؛ زاعمين أنَّه ظنيُّ الدلالة، وليس قطعيًّا فيها.
٢ ـ أمَّا زعمه أنَّ أهل السنَّة يتواصون بانتقاص علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأهل بيته وحُبِّ ظلمة بني أميَّة فهو من الإفك المبين؛ فإنَّ أهل السنَّة هم الذين يُحبُّون عليًّا رضي الله عنه وأهل بيته، بل وسائر أهل بيت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهم زوجاته وكلٌُّ مسلم ومسلمة من نسل عبد المطلب بن هاشم، ويتولَّونهم جميعاً دون غلوٍّ أو جفاء، وهذا بخلاف المالكي وأسلافه من الرافضة، الذين يغلون في عليٍّ وفاطمة رضي الله عنهما، وفي بعض أولادهما، ويجفون في غيرهم من أهل البيت، وفي الصحابة، ومن أبرز أهل البيت الذين جفا فيهم المالكي عمُّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد المطلب وابنه عبد الله وغيرهما مِمَّن كان إسلامُهم بعد الحديبية، الذين يزعم المالكي أنَّهم لم يظفروا بصحبة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الصحبة الشرعية، وأنَّ صحبَتهم كصحبة المنافقين والكفار.
٣ ـ وأمَّا زعمه أنَّ أهل السنَّة يتواصون بتكفير أبي حنيفة وسائر المسلمين من غيرهم، فهو من الإفك المبين أيضاً، وقد مرَّ قريباً أنَّ الفِرَق الثنتين والسبعين هم من المسلمين، وهم مستحقُّون للنار لبدعهم، وهم تحت مشيئة الله، إن شاء عفى عنهم وإن شاء عذَّبهم، وأمَّا ما أشار إليه المالكي من قبل عن أحد كتب أهل السنَّة من آثار في تكفير أبي حنيفة في مسألة خلق القرآن، فهي إمَّا غير ثابتة الإسناد، أو أنَّه تاب مِمَّا نُسب إليه، وقد قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (١٣/٣٧٧) : "وأمَّا القول بخلق القرآن، فقد قيل: إنَّ أبا حنيفة لم يكن يذهب إليه، والمشهور عنه أنَّه كان يقوله واستُتيب منه"، ثم ذكر نقولاً في هذا وفي هذا، ومنها (ص: ٣٧٨) عن الإمام أحمد أنَّه قال: "لم يصحَّ عندنا أنَّ أبا حنيفة كان يقول: القرآن مخلوق".